هل هناك تفاؤل بشأن كركوك بعد تشكيل حكومتي كوردستان والعراق ؟

 

محسن جوامير
 كاتب كوردستاني

 

في غضون إسبوعين شكَّل كل من السيدين نيجيرفان البارزاني والمالكي حكومتين تحملان على متن سفينتيهما وإلى حد بعيد كافة الاطياف التي تحتضنها بلاد كوردستان والعراق.. وبغض النظر عن النواقص التي لوحظت والمثالب التي وجدت ولا يُعتقد أن الطرفين ينكرانها، إلا إنه يبدو أن الناس أكثر إنشراحا من السابق وأكثر أملا في إحلال السلام والإقتراب من ربوع الأمن من خلال دحر الإرهاب وحل المشاكل  بخلوص النية وإتباع ما جاء في الدستور وتنفيذه تنفيذا كاملا، حتى تُسد المداخل التي يمكن أن ينفذ من خلالها مَن كبر عليهم هذا الإنجاز الذي تم باتفاق الجميع، وبالتالي لا يمكنهم تحين الفرص لتحريف بنوده عن مسارها، وخاصة الثوابت منها والتي لا تحتمل أكثر من تفسير واحد.

 

الملاحظ  أن رئيسي كلتا التشكيلتين الوزاريتين قد أكدا على النقاط الجوهرية، من بينها تلك التي تحولت إلى إحدى العقد المزمنة بين الكورد والعهد البائد، ألا وهي مشكلة كركوك التي ظُلمت عمدا ووفق برنامج شوفيني مقنن منذ عقود مضت، والتي أفرزت مشاكل ومآسي مازال الكل يئن تحت وطأتها، ولم تقدِم حكومة السيد الجعفري على خطو خطوة واحدة لحلها بالرغم من تشكيل آليات لها وكذلك ميزانية خاصة ـ وإن كانت متواضعة ـ لدعمها، في حين كان بالإمكان بناء أسس قوية تسهل الخطوات القادمة وتقلل من المشاكل التي حدثت، وكان ذلك أحد اسباب فشل حكومة الجعفري ومن دواعي عدم الرغبة في إختياره مرة أخرى لدورة قادمة، وقد إنتصرت بالفعل هذه الإرادة وعُدَّت إنتصارا حتى للطرف الذي كان يمثله على المدى البعيد.

 

يترشح من الكلمة التي ألقاها الأستاذ عادل عبدالمهدي نائب رئيس الجمهورية في يوم إعلان حكومة كوردستان 2006/05/07 العزم على حل مشكلة كركوك، وذلك حينما أشار إلى الظلم الواقع على شعب كوردستان وكذلك مسألة كركوك وحدود المحافظات وبقية المظالم منها الإعتداء على الممتلكات ومسائل التوطين والتهجير، وقوله كل هذه يجب أن تعالج في إطار القانون والدستور ويجب الإنتهاء منها قبل نهاية عام 2007 وبالتالي لا يوجد أمامهم وقت طويل في إنجاز هذه المسالة الحساسة.. ونفس الإصرار يلاحظ في تعهد السيد المالكي في يوم إعلان حكومته في 2006/05/20 بتنفيذ المراحل الثلاثة التي نص عليها الدستور فيما يخص ترتيب وضع كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها، وهي التطبيع والإحصاء والإستفتاء، على أمل أن تباشر المرحلة الأولى لكركوك عقب تشكيل الحكومة.

 

ولاشك أن ذكر مطالب الطرف الكوردستاني تفصيلا بشأن مسألة كركوك والإسراع في حلها وبهذه العجالة هو من باب تحصيل الحاصل، ناهيكم عن كونها واردة في الدستور وكل تراجع عنها يعني العودة إلى المربع الأول في العلاقات، وهذا يعني بدء الكارثة والدوامة.. ولكن اللافت للنظر هو دعوة السيد نيجيرفان البارزاني الحكومة الفيدرالية للعمل بجدية لتعويض الأضرار التي لحقت بكردستان، وخاصة كركوك.. وهذا الطلب كان في وقته ومحله، لأننا للأسف الشديد وكما لاحظنا من خلال المقابلات التلفزيونية التي جرت في الآونة الأخيرة مع بعض عوائل الكورد العائدين إلى كركوك والساكنين في الملعب مثلا، أن هناك نية لديهم للعودة إلى المناطق التي سكنوا فيها بعد طرد صدام لهم، نتيجة إنعدام أبسط الخدمات لهم بالإضافة إلى تعرضهم لتهديدات الإرهابيين الخبل الذين حولوا البلاد إلى دول عالم الثلاثين لا عالم الثالث.

 

 وإن حل هذه الأزمة يجب أن يسبق كل الإجراءات الأخرى، ولا نظن أنه متعذر إذا ما خصصت له الميزانية الكافية التي تطالب بها إدارة محافظة كركوك، وكذلك التعاون مع حكومة كوردستان لتوفير الأمن لهم ولكل المواطنين الآمنين من غيرالكورد فيها.

 

إن من اولى المهام الملقاة على عاتق الجميع هو جعل الدستور مصدرا لحل جميع المشكلات وعدم تحويله إلى أحاجي وألغاز، وعدم السماح للأطراف المرتبطة بالخارج أوالتي تريد أن تنمو أو تقف على أقدامها من إثارة المشاكل والثغرات وإحقاق الباطل وإبطال الحق، والتي تود موتها ولا أن ترى الشعوب تعيش بود وأمان من خلال عودة الأرض المغتصبة إلى صاحبها وعودة الغاصب إلى الأرض التي جيئ منها، وعلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار.

 

  أعتقد أن حل مشكلة كركوك سهل المنال والداعي إلى التفاؤل وارد والوضع ينصلح في حال وجود حكومتين منتخبتين متعاونتين إحداهما في بغداد والأخرى في هه ولير، إذا كان ثمة إرادة مشتركة وإخلاص مشترك لتشكيل دولة فيدرالية من واقعين متميزين برضا الطرفين لا في ظلال فلسفة الإجبار في التعايش والإلحاق التي يلوكها الذين مازالوا يعيشون في القرن ما قبل الماضي وفي عالم أوهامهم ومخيلاتهم ودمدمة تهديداتهم التي أورثوها من أسلافهم الذين خسف الله بهم وبملكهم الأرض، بعد أن أصبحوا مأفونين وناقصي العقل ولم يقدروا العواقب !

 

mohsinjwamir@hotmail.com

 

 

 

 
           

 

02/09/2015