1 ـ 2
سوف ادخل الى صلب الموضوع بدون مقدمات واحاول ان اكون صريحا
وواضحا و شفافا في ترجمة الواقع العراقي دون الف والدوران
واحاول بكل جهدي ان ابتعد عن التعصب القومي الاعمى واحاول
ايضا ان اكون واقعيا ومنسجما مع نفسي اولا ثم مع الاخرين في
قراءة البانوراما السياسية العراقية، على الاقل بعد سقوط الصنم
....
اولا يجب ان نقر بان حق تقرير المصير للشعوب ومساهمتها في
اتخاذ القرار واختيار شكل العلاقة مع الشعوب الاخرى هو احد
الأسس الجوهرية في مبدأ الديمقراطية ,
اي سلطة الشعب عبر ممثليه ,عبرمؤسساته وعبر مجلس نوابه واحزابه
واحترام خيار الشعب ونوعية العلاقة التي يختارها مع شعوب اخرى
وبملئ ارادته
.
في اطار قراءة دقيقة وسليمة لواقع النخب السياسية الحاكمة
العراقية وبكافة مكوناتها وطبقاتها الاجتماعية و الطائفية و
الدينية بعيدا عن شعاراتها وادعائها الزائف بالديمقراطية ,
نرى بان الكثير منهم لايؤمنون بخيار الديمقراطية ولا
الفيدرالية ( 1 ) ولا بفصل الدين عن الدولة ولا بمساواة
المراة بالرجل ولا باهمية مؤسسات المجتمع المدني ولا بترسيخ
ثقافة الحوار ولا بحرية الاعتفاد و الفكر ولا ...ولا
.......................
لذلك نراهم يطرحون بدائل وكأنها طبق الاصل مع نصوص الاسلام
للمجتمعات القديمة كالشورى واللامركزية الأدارية على سبيل
المثال لا الحصر ..... وبمفهومهم ان الديمقراطية مصطلح دخيل
او مستورد من الغرب وانه لا ينسجم مع عاداتنا وتقاليدنا
الشرقية والاسلامية المحافظة!! .. لذالك نراهم يستندون
ويرجعون الى نصوص الشريعة الاسلامية وليس مبادئها وروحها حتى
في صياغة الدستور الحديث . و نرى بشكل واضح وجلي انهم
لايلتزمون بالقوانين والتشريعات التي قد لم تتطابق مع نصوص
الشريعة الاسلامية والتي جاءت في دساتير الدولة العراقية حتى
وان صوتوا لها واقروّها وشاركوا في صياغتها .
ولو نرجع الى الماضي القريب وندقق في السنوات الثلاثة
الاخيرة بعد سقوط الصنم نرى التوترات والتشنجات والتناقضات
والاختلافات الجوهرية بين وجهات النظر السياسية والفكرية بين
الفرقاء والشركاء في عراق مابعد صدام والتي كانت عقبة رئيسية
وعامل ضعف سبب في استمرار الماسي و الاًلام والذي اوصلنا الى
الحالة المزرية التي نحن عليها اليوم ....
لقد اثبت التاريخ لنا جميعا بان الصراع ليس بين
الشعوب العراقية , وانما بين الحكومات الاستبدادية و الرجعية
و الدكتاتورية و الفاشية و بين الشعوب المغلوبة على امرها
وخير دليل على ذالك هو ان الظلم و استبداد الحكام لم يستثنى
احدا وخاصا الذين كانوا في خندق المقاومة لخلاص العراق من
حكامها الشموليين عبر التاريخ ....
لقد حاولت هذه الحكومات الشمولية من جهة اخرى ان تحشي
عقول الناس باوهامها وخرافاتها لزرع البلبلة و الفتن و اشعال
نار الطائفية المقيتة لاستهلاك طاقات وقوى الشعوب بعد تغذيتها
بالعداوات الوهمية وكانها المشكلة والخصومة هي بين الشعوب و
ليس بين الحكومات التوتاليتارية و القوى الخيرة التي تناضل من
اجل اقامة عراق ديمقراطي مزدهر , ونجحت الى حد كبير في هذه
الخطة الجهنمية الخبيثة ,لذالك نرى اليوم عدم الاستقرار
والبلبلة و الحروب وتصاعد الاحقاد الدفينة بين المذاهب و
الطوائف و القوميات تتصدر العراق والمنطقة برمتها وتنفجر
كالبراكين الغاضبة لتحرق الاخضر و اليابس وذالك بسبب تراكم
ترسبات كل هذه المظالم وكبتها من جهة و التهميش والاقصاء و
الازدواجية و المماطلة و وعدم حسم الامور المبدئية والتمسك
بفكر القائد او الحزب القائد من جهة اخرى.
اضافة الى عدم الاستفادة من الدروس و العبر منذ تاسيس الدولة
العراقية ولحد اليوم حيث يعاني هذا البلد من جورحكامه وتسلطهم
على رقاب الشعوب وحكمهم بالحديد و النار وكل الوقائع و
الاحداث التاريخية تشير الى ذالك .
ان حكامنا يومنون بكل شئ الا بحرية الانسان و
حقه في المساهمة الفعالة في صياغة مستقبله وتقرير مصيره ...
حيث ادىّ التسلط و الاستبداد و الدكتاتورية و القمع و الارهاب
و التعذيب، الى دمار شامل في البلد و بلغ ذروته في ظل النظام
البعثي الفاشي الساقط ... وها نحن اليوم نجني ثمارها المرة من
التصفيات و العدوان والاختطاف و الاغتصاب و التدمير و التصفية
الشاملة الى نافورات الدم . و يوم بعد يوم ياخذ العنف
الاعمى ابعادا شمولية اكبر هدفها ايقاع العراق في حرب اهلية
طائشة و الخاسر الوحيد فيها هي الشعوب العراقية وليس طرفا
اخرا .....
لنرجع الى موضوع الفيدرالية والجدل الذي يدور حولها , ان الشعب
الكوردي تبنى الفيدرالية , عبر ممثليه لتكييف جديد وحضاري
ومنسجم مع شروط المرحلة الراهنة للعلاقة بين الشعبين العربي و
الكوردي , ولكن يوم بعد يوم تتصاعد اصوات المعارضين ويزداد
عدد المتنازعين والرافضين للفيدرالية و حتى من حلفاء الامس
الذين كانوا معه في خندق , طبعا بدعم خارجي وبالتحديد اقليمي
لاغراض باتت واضحة للجميع ولا داعي لذكرها لانها ستكون مملة
لحد الغثيان !! ..............
انا براي المتواضع لايوجد اي سوء فهم للفيدرالية ... ولا داعي
للقيام بايضاح هذا المطلب الجماهيري والشرعي اكثر من هذا ,
للراي العام العراقي و العربي .. وهنا اقصد الحكومات والاحزاب
و الجماعات و الاشخاص والمرجعيات لان بكل بساطة تبين وبشكل
واضح وخاصة بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بمشاركة
اغلبية الكتل و الطوائف بانه ليس هناك اي خلاف او سوء فهم حول
تسمية الفيدرالية كما كنا نعتقد من قبل ...... اي في السنوات
الاولى لطرحها وانما الخلاف حول المحتوى اي حول نوعية
الفيدرالية ..
لان
هولاء يعتقدون ان الفيدرالية
القومية –الجغرافية هي تقسيم لكيان العراق وان الاكراد هم
انفصاليون ويريدون المساس بسيادة العراق وهذا لا يجوز قطعا
.............. .... لذالك نراهم يقترحون لامركزية ادارية و
التي لا تتناسب قطعا مع الواقع الكوردستاني ..... كما ينسون او
يتناسون بان الكورد كانوا مستقليّن تماما عن الجسد العراقي
منذ انتفاضة اذار1991(
2
)
ولحد سقوط الصنم , وبمبادرتهم وبحكمة قادتهم وبعد كل هذه
التضحيات الجسام عبر التاريخ وضغط الشارع الكوردي علي
الحكومة الكوردستانية الا انها اختارت الاتحاد الاختياري
كنمط للعلاقة والشراكة مع الشعب العربي في العراق ......اي
اختاروا الاتحاد الاختياري وليس الاستقلال وتاسيس كيان مستقل
عن الجسد العراقي وبملئ ارادتهم .
برايي المتواضع ان جوهر الازمة يكمن اولاً في مفهوم
الفيدرالية كما يريدها الشعب الكوردي .. لان الفيدرالية قد
طرحت سابقا وفي اجتماعات معارضة الدكتاتورية كشعار بدون
التطرق في تفاصيلها لاسباب عديدة يعرفها القاصي و الداني واجد
ان لا داعي لذكرها الان ..... و ثانيا لان اغلبية القوى و
الاحزاب السياسية العراقية في مناطق العراق الأخرى هم ليسوا
بديمقراطيين ولا يريدون الاستقرار لا للعراق و لا للمنطقة ولا
يريدون تخليص الشعوب من الجوع و الامراض و الفقر والتخلف
...واخيرا لا لاتتوفر لديهم الارادة السياسية الصائبة و
الصحية لادارة البلد واخراجه من المحنة هذا استنتاجي لقراتتي
للبانوراما وللاحداث الدموية
على الساحة العراقية .
(يتبع للجزء الثاني)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(
1 ) عام 1991 تبنت الجبهة الكوردستانية العراقية الممثلة
الحقيقية للشعب الكوردستاني اضافة الى اواسط واسعة في
المعارضة العراقية شعار الفيدرالية كاحد اشكال حق تقرير المصير
باعتباره من احد الحقوق الجوهرية المنصوص عليها في العهدين
الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية
و ب الحقوق المدنية و السياسية و الصادرين عن الجمعية العامة
للامم المتحدة عام 1966 ,
وفي 4 تشرين الاول 1992 اتخذ البرلمان الكوردستاني قرارا
بالاجماع بتبني النظام الفيدرالي , وحدد العلاقة القانونية مع
السلطة المركزية لصيانة الوحدة الوطنية للعراق وتعزيزها ...((
راجع النص لبيان اعلان الاتحاد الفيدرالي
-
المجلس الوطني
لكوردستان العراق
-
اربيل
–
قي 4 تشرين الاول 1992))
.
( 2)
اقيمت منطقة الحظر الجوي في الشمال و الامنطقة الامنة في
كوردستان , بعد الهجرة المليونية للشعب الكوردي امام هجوم قوات
الحرس الجمهوري صدامي على الاقليم وارتكابها ابشع المجازر
الوحشية , الهمجية بحق الشعب فيه , انتقاما من انتفاضته
المجيدة عام 1991 , وجاءت اقامة المنطقة بعد مطالبة تركية
وايرانية , دافعها الخوف من تدفق سيول النازحين , ومناشدات
عالمية لحماية الشعب في كوردستان , وبمبادرة اوربية في اجواء
اجازة مجلس الامن قراره 688 توجت لاتفاق دولي ...وكانت
الطائرات الاميركية و البريطانية تولت حماية 42 الف كيلومتر
مربع من كوردستان العراق الخارجة عن سيطرة صدام حسين وقطعان
حرسه الجمهوري و ميليشياته و اعوانه في مناطق العراق الاخرى
.....
2006-06-11
|