|
من ترجمة السيدة دلشا يوسف عن جريدة يني شفق التركية، جاء في
مقال منشور في موقع الإتحاد الوطني الكوردستاني تحت عنوان (
تركيا والطريق المغلق ) بقلم الكاتب حسن جمال وفي شكل تساؤلات،
ما يلي : " الحزب العمال الكوردستاني مشكلة من ؟ هل هو مشكلة
امريكا أم أوروبا ؟ أم مشكلة كورد العراق ؟ أم مشكلة الطالباني
أو البارزاني ؟ " .. وفي نفس السياق يجيب كاتب المقال بما يلي
: " لا.. إنه ليس مشكلة لأية جهة من هذه الجهات.. الحزب العمال
الكوردستاني، هو مشكلتنا نحن، كما المسألة الكوردية ايضا
مشكلتنا.. إن جذور العمال الكوردستاني الذي مازال دائبا في
كفاحها لسنوات طويلة، ليست في الخارج، إنما هي متأصلة في
الداخل " .
قلما يصدر عن الكتاب الترك مواقف صائبة عاقلة تجاه الأحداث
والوقائع التي تتعرض للكورد عامة والحزب العمال الكوردستاني
بشكل خاص، وذلك بفعل الإعلام المكثف والموجَّه الذي يغلب
تاثيره السلبي على عقول وعواطف الفرد التركي، جاهلا كان أو
عالما، عَجَلا كان أو بَجَلا.. وبالتالي تتعامى الأكثرية عن
معرفة الحقائق والإحتقانات وتغدو التصورات تجاه القضايا وخاصة
القضية الكوردية هناك وفقا لما يريده العسكر ويفرضه في سوقه
الرائجة، وهنا تبدأ المأساة كما حصلت طوال قرن من زمن ملتهِب
حَكمتهُ معتقدات أبو لهب الذي يصلى نارا ذات لهب، حيث لم
يُعترف بوجود المشكلة وتقدمت الحرب دائما على السلم، فكبر
الداء واستعصى على الدواء وانتهى كل شئ للعقم.. والذي يُعقِد
الامر أكثر هو موقف السلطة المدنية التي تكون دائما تحت سيطرة
الجيش، وليس لها طرح جدي بالخوض في عمق المشكلة التي تتمحور
حول الإعتراف بأن " نحن لدينا مشكلة كوردية، لانه تم إنكار
الكورد، هويتهم، ثقافتهم ولغتهم.. وأنكرنا وجودهم وقلنا لا
يوجد كورد، وهناك أتراك، رغم أنهم مواطنون يعيشون في ظل
الجمهورية التركية " كما يقول كاتب يني شفق التركية.
إن الحالة الهيستيرية المتصاعدة التي يعيشها المسئولون الاتراك
هذه الايام والحيرة القاتلة في تنفيذ أحد الأمرين وكلاهما مر،
إما المجازفة بالدخول في حرب مع الحزب العمال الكوردستاني
بالسرعة الممكنة او التريث لحين تضع الحرب الأسرائيلية العربية
بعض اوزارها والرهان على الظروف بانتظار تلقي الضوء الأخضر من
أمريكا، او بالأحرى إلتماسهم منها أو تقبيل ألأيادي والأقدام..
كل هذه الأمور لا تشير إلا إلى مرض مزمن مشوب بخرافات موروثة
ولوثات وجهالة أصابتهم ولا يمكن شفاءهم منها بهذه السهولة
لأنها اصبحت ( في أعناقهم اغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون
).
وتهرُّب الأتراك من الإقدام على الإعتراف بامر لا مهرب منه
وذلك من خلال اللجوء إلى المفاوضات والإعتراف بالخصم ، ليس إلا
كمن يفر من خطر ليقع فيما هو شر منه.. وعجبا لهؤلاء، يرون
أمامهم الحقائق والوقائع وهم في جحودهم وإنكارهم يسترسلون
وينظرون إلى ما يقوله العسكر وكأنَّه ( تنزيل العزيز الرحيم
).!
وما التخبط الذي اصاب السيد رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان
وعبدالله كول وزير الخارجية في مواقفهما السياسية وفتكه بهما
بخصوص محاربة الحزب العمال الكوردستاني، إلا مثال على قصر
النظر وعدم اخذ الدروس والعبر من السوابق الذين كانوا السبب في
خلق المشكلات والحروب وإدامتها وتعريض العباد والبلاد للخطر،
على عكس ما يذكره السيد الكاتب " اثبت رئيس الوزراء رجب طيب
أردوغان هذه الحقيقة ايضا، عندما نادى في ميدان دياربكر، قائلا
: إن المشكلة الكوردية هي قضيتنا، وكما اعترف أردوغان ايضا إن
للدولة يدا في خلق هذه المشكلة، إذ الحماقة فينا. ونحن من سيجد
الحلول لهذه المشكلة، لا أمريكا، ولا أوروبا، ولا الطالباني او
البارزاني " وحبذا لو كان أردوغان على عهده ووعده وجرأته
ورجولته التي بات يفتقدها في الآونة الأخيرة بعد أن أثبتها
يوما ما في ميدان دياربكر.!
كما هو واضح أن قول صحيفة يني شفق التركية " علينا أن لا نخدع
أنفسنا ولا نبحث عن الحل في جبال قنديل، حيث اثبتت التجارب
السابقة أن لا فائدة من كل ذلك.. لا فائدة من لعب الإزدواجية،
القيام بالعمليات العسكرية، التشبث بالسلطة، إثارة الاجواء
القومية والإنحراف عن الطريق الصحيح " ما هو إلا دليل على ان
هناك اصواتا عاقلة تصدر على إستحياء في تركيا .
ولكن هل يتحقق السلام ويقضى على الحروب بالتشبث بما يُعتبر من
باب أضعف إلإيمان في قضايا الشعوب والأوطان ؟!
mohsinjwamir@hotmail.com
|