كتاب عرب يدينون انفلة كوردستان..
الاستاذ رشيد خيون.. نموذجاً

الدكتور بدرخان السندي

 

قرأت بكثير من الشغف مرتين مقالة الاستاذ الكاتب العراقي المعروف رشيد الخيون تحت عنوان (يسألونك عن الانفال) والمنشورة في جريدة الشرق الاوسط الغراء امس..

لقد شهد القارئ العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص ظهور كتاب عرب وعراقيين يكتبون عن القضية الكوردية والمآسي التي واجهها الكورد في مسيرة نضالهم من اجل حقوقهم المشروعة بشرفية عالية وبضمير حي وعاماً بعد اخر يتزايد عدد هؤلاء الكتاب الذين وضعوا الضمير الانساني قبل كل اعتبار.. بعضهم في العراق واخرون في المهجر.

هؤلاء في الحقيقة هم خير من يدافع عن الحق الكوردي المشروع وخير من يقول لكل من يحاول ليّ ذراع الحق لقد ولى زمن العصبية انه زمن الموضوعية والحقيقة الخالصة.

كلما قرأنا مقالا او بحثا لكاتب عربي منصف للقضية الكوردية مدافع عما اصابهم من ضيم احسسنا بان الدنيا مازالت بخير.

يسعدنا كثيرا ان ننشر بعض ما جاء في مقال الاستاذ رشيد الخيون... تحية له من شعبنا الكوردي وتحية لكل الكتاب العرب والعراقيين ولكل الاحزاب والكيانات العراقية المنصفة للقضية الكوردية وتداعياتها:

استغرقت عمليات الأنفلة سبعة شهور، وهي قصف المناطق الكوردية بقنابل السلاح الكيمياوي، وإثر ذلك عُرف نائب العريف السابق، والفريق أول اللاحق علي حسن المجيد بـ(علي كيمياوي) أو (علي أنفال). وكان لا يجيد سوى فعل الإبادة، سواء في كارثة 1988، أم انتفاضة آذار 1991.

رأيتُ من مخلفات الأنفال طمر عيون الماء النابعة من قمم الجبال، من غابر الأزمان، بالكونكريت المسلح. فرض العطش على بيئة خضراء منذ خلقها الله، وكأن وادي باليسان، وكل قرية من القرى الكوردية هي قرية (سَدوم)!

استخدمت مفردة (الأنفال)، بكل ما تعني من معانٍ: العطية، الزهرة، البحر، لتلبيس النعمة بفعل النقمة، وهي لا تقل عن مفردة المكرمة، التي اعتاد صدام منحها للعراقيين: إطلاق سجناء قتلة، تعويض أهل معدوم بالخطأ، تعويض ديار جرفت بأمره، تكريم منفذي (صولة الغضب) أو القتلة غسلاً للعار، لتأكيد تحول المدن إلى أرياف، ومحو ما عُرف قديماً وحديثاً بالتبغدد. استخدمت دولة البعث مفردة أنفال مثلما سبق أن استخدمت مفردة (حُنَين) اسماً لأول جهاز مخابرات رهيب، إلى تسمية القادسية، ثم الحملة الإيمانية. فمن ألقاب صدام التسعة والتسعين: المؤمن! وما أن تسلم السلطة حتى وزعت شجرة عائلته المتصلة بعلي بن أبي طالب. ذلك للاستحواذ على الإمامة من الطرف السُنَّي (الأئمة من قريش)، ومن الطرف الشيعي الولاية في أبناء علي وفاطمة. وحسب القانون العراقي والعُرف البعثي أن صداماً كان معصوماً، وهناك عقوبات تصل إلى الإعدام لمَنْ يسيء لاسم الرئيس أو صورته.

أقول: لو تصورنا الأمر معكوساً، وكانت إبادة (الأنفال) من فعل زعامة كوردية ضد شعب عربي، أيلام ذلك الشعب من النظر إلى الكوردي أنه تأبط شراً! ألا يسره تقدم الأجنبي لتحريره من زعامة (الأنفال)؟ هذا مجرد تذكار للمثقفين العرب الذين رفضوا إدانة الكارثة حينها، وما زالوا يعدونها فعلاً بطولياً! ويوجهون بالمقالات والمحامين للدفاع عن مرتكبيها. ومجرد تذكار لفقهاء أحجموا، يومها وما زالوا، عن إدانة استغلال اسم سورة قرآنية، في الأقل، لتبرير إبادة شعب!

كانت الأنفال جرحاً دامياً في وحدة العراق، ويتجاوز على الضمير الإنساني مَنْ يبررها دفاعاً عن حياض الوطن ضد هجوم إيراني. كان قتلاها كُورداً عراقيين، وليس من أثر إيراني بين الوديان المنكوبة، وليس من جندي إيراني أصيب بها، أو حتى اشتم رائحة التفاح العفن. لم يكن القصف الكيمياوي، بمكان، دفاعاً عن العراق وحدوده، بل إجراء من إجراءات تأبيد السلطة وخلودها، وإلا كانت معاهدة الجزائر (آذار 1975) بين صدام وشاهنشاه إيران تنازلاً صريحاً عن تراب ومياه!

كذلك لم تسمح الموازنات الدولية بانتصار إيراني أو عراقي. ليس من العدل، بمكان، أن تعامل إبادة الأنفال، وكل الإبادات التي تعرض لها العراقيون، ذرائعَ لتلك الحرب، مع أنها كانت طبعاً من طبائع استبداد دولة البعث، حتى ضد البعثيين أنفسهم، إعدامات 1979 مثالاً. وبالمحصلة، أنها من مصاحبات الدولة القومية العرقية، أوالدينية، أوالمذهبية، والأمثلة لا تُعد ولا تحصى.

 
           

 

02/09/2015

 

goran@dengekan.com

 

dangakan@yahoo.ca