البحث عن رفا ت  ضحايا الانفال يبدأ من قرية تل الورد

 

صفوت جلال الجباري

safwatjalal@hotmail.com

الجزء الثاني

 

قرية تل الورد تقع على الطريق العام الذي يربط ناحية الرياض التابعة لقضاء الحويجة بمدينة كركوك , وهي قرية بسيطة لا تتعدى عدد دورها الثلاثين,  وكانت قبلا عبارة عن عدة اكواخ طينية حينما سكنها عدد من العوائل  التابعة لعشيرة النعيم قبل ما يقرب من اربعة عقود اسوة بالكثير من القرى  التي نشأت وتطورت  بسرعة كبيرة منذ اواسط القرن الماضي مع بدأ الزحف العربي صوب كركوك من جهة الغرب.....تميزت هذه القرية بساكنيها من عشيرة النعيم على العكس من بقية القرى المجاورة والتي سكنتها عشيرة العبيد بعد تشريد اهاليها وملاكيها من الكورد (عائلة احمد خانقاه), وخاصة بعد الانقلاب الاسود الذي تزعمه البعث عام 1963,,كانت لهذه القرية  وساكنيها قصة اخرى مع القدر  , حينما برز ولمع نجم احد ابناءها  المنسيين والذي كان عاملا  زراعيا بسيطا عند شيوخ العبيد (مزهر العاصي) ,وهو المدعو      ( سيد خلف النعيمي) والذي كانت الفاقة والعوز قد دفعاه في اواسط الستينات من القرن الماضي الى التطوع في صفوف الجيش لسد رمقه ورمق عائلته وليتخلص من العمل المضني في حقول الشيخ مزهر العاصي ليل نهار لقاء دريهمات معدودات ,  وقد شاءت الصدف ان يتعرف على متطوع اخر في القاعدة الجوية في كركوك  آنذاك برتبة نائب عريف من اهالي تكريت , ويكون هذا الشخص  ابن عم احد القياديين البارزين في  الانقلاب المشؤوم  الذي حصل في العراق في السابع عشر من تموز عام 1968,ولم يكن غريبا في منطق الانقلابيين الجدد ان يتحول هذا النائب العريف الجاهل و  الأمي الى الشخص الاول في القاعدة الجوية والى الآمر والناهي فيه, رغم انه لم يكن يحمل من الرتب العسكرية اكثر من رتبة نائب عريف.......بقي ان تعرف عزيزي القارئ ان هذا النائب العريف كان اسمه (علي حسن المجيد) ابن عم الطاغية صدام وساعده الايمن في كل ما تم اقترافه من الجرائم البشعة بحق الشعب العراقي كوردا وشيعة فيما بعد..... ومع بروز نجم صدام حسين وتسلمه منصب النائب في ما كان يسمى( بمجلس قيادة الثورة) ومباشرته بتصفية كل خصومه السياسيين داخل حزب البعث وخارجه, اعتمادا على جمع من اخوته واقاربه و شلة من الاشقياء والمجرمين المعروفين في بغداد وبقية المدن العراقية  , ومع مرور الايام والسنين اصبح (علي حسن المجيد) ايضا احد ابرز  هؤلاء في تلبيه اية اوامر تصدر له من قبل صدام لقتل وتصفية اية شخصية قيادية في الحزب  يمكن ان ينافسه , وتعاظمت بصورة افقية ادوار الآخرين من المقربين والمحسوبين  لهؤلاء المجرمين, وهكذا اصبح(السيد خلف النعيمي) احد ابرز الشخصيات المقربة من النظام ومن الوجوه الاجتماعية  المتنفذة  في كركوك وضواحيها ,  لاستعداده الامتناهي في تقديم  افضل الخدمات لولي نعمته علي حسن المجيد, وبالاخص في تجنيد العناصر الموثوقة للنظام من عشائر الجبور والعبيد في صفوف قوى الامن الخاص والمخابرات,اضافة لادارته وكالة عن سيده الاستثمارات الزراعية الواسعة في منطقة الحويجة والرياض, وفيما بعد في عموم العراق(حقول الدواجن وزراعة مساحات واسعة من افضل الاراضي المروية بطرق الري بالرش والري السيحي وفق النظام المتطور المتبع في مشروع ري كركوك(صدام سابقا), مما حدىبالمجرم على حسن المجيد ان يشيد  احد  قصوره بالقرب من القرية التي كان يأتمنها واهلها كثيرا, متخذا منه مرتعا لمسراته ولياليه الحمراء, ومجونه وعربدته وسهراته مع الغجر الذي كان مولعا بهم اشد الولع .

 

اثناء عمليات الانفال السيئة الصيت كان للسيد خلف النعيمى وابناءه واخوته باعتبارهم من اقرب المقربين لعلي حسن المجيد الدور الكبير في ادارة معسكر( طوبزاوة) لسيئة الصيت,وحتى اختيار ذلك المعسكر القريب من قرية تل الورد ومنطقة الرياض والحويجة كان باقتراح من سيد خلف النعيمي لكونه قريبا من القرية وفي منطقة(آمنة) ويمكن بسهولة تنظيم الحماية لها وتأمين الاشخاص المعتمدين للقيام بهذا الدور من اهل المنطقة,اضافة الى السرية والحرص الامني في تنفيذ مجمل المهام الموكلة لهم ,وكان ابنه البكر( زيدان) احد ابرز القائمين على امور المعسكر طيلة فترة عمليات الانفال مع نفر ضال من عشيرة الجبور والعبيد المنضويين في اجهزة مخابرات النظام وامنه الخاص, ورغم الاوامر المشددة فيما يخص المعتقلين من الكورد من اهالي منطقة كرميان خاصة , الا انه كان بمقدور سيد خلف النعيمي (نظرا لقربه من علي حسن المجيد ) الامر والنهي في اطلاق سراح من يريد وخاصة اولئك الذين كان بعض رؤساء الجحوش يتوسطون لديه,  فكان مجرد مكالمة تلفونية منه الى قيادة المعسكر كافية لاطلاق سراح من يحالفه الحظ ان يتوسط له احد رؤوساء ما كانت تسمى بافواج الدفاع الوطني من العملاء الكورد الذين كان لهم دورا خيانيا مشهودا في تلكم العمليات الظالمة ضد شعبنا الكوردي.وقد ظهر دور هذا المجرم (سيد خلف النعيمي ) جليا خلال البحث الذي قام به الدكتور محمد احسان وزير حقوق الانسان في حكومة اقليم كوردستان في منطقة السماوة وكيف ان اهالي المنطقة قد افادوا ان ضحايا الانفال من البرزانيين الذين تم العثور على رفاتهم قد تم اعدامهم في نفس الاراضي التي كان يستغلها (سيد خلف النعيمي) وكالة عن سيده علي حسن المجيد في تلك المنطقة.

 

ان البحث في المناطق القريبة من قرية تل الورد وقصر (علي حسن المجيد) بالذات الكائن على مقربة منها سيدلنا بالتأكيد على مقابر جماعية لضحايا الانفال ولا سيما من النساء الذين قد يكون هذا المجرم قد امر بقتلهن بعد ان اشبع  هو وجلاوزته منهن رغباتهم السادية و الشيطانية ,  ان العديد من سكنة (القرية العصرية) الكائنة بين هذه القرية ومعسكر طوبزاوة قد افاداوا بانهم كانوا يسمعون اصوات اطلاقات نارية متقطعة في فترات الليل اثناء حجز العوائل في المعسكر المذكور وهي بالتأكيد كانت تخص عمليات الاعدام لهذه الضحايا........ ولذا فاني اناشد السلطات المختصة بالاخص ادارة شرطة الاقضية والنواحي في كركوك وقائدها الشهم العميد سرحد قادر بتكثيف البحث والتقصي في هذه المنطقة سواءا بحثا عن (سيد خلف النعيمي او اعوانه واقاربه المتواجدين في القرية المذكورة والقرى المجاورة, او بحثا عن مواقع المقابر الجماعية القريبة منها..... لعلنا نهتدي الى حل احد طلاسم جريمة الانفال من منفذين فعليين  او اماكن  دفن ضحاياهم...... وحسبنا الله ونعم الوكيل.....

 

 

           

 

02/09/2015