قد يتوهم البعض ممن المتابعين لمجريات الاحداث في العراق وخاصة
ابان سقوط الطاغية ونظامه الدموي, ان صداما ونظامه الدموي كانا
قد تفا جئا بما حدث , او ان صداما او جلاوزته وحشد مستشاريه
كانوا غافلين عما كانت تدبّر لهم اكبر قوة سياسية وعسكرية في
العالم ومنذ صدور (قانون تحرير العراق) في عهد الرئيس الامريكي
بيل كلنتون من خطط واجراءات معلنة وسرية من اجل اسقاطه ونظامه
بكل السبل وتحت كل الذرائع (المشروعة وغير المشروعة) ....وهم
من خبروا طوال سنين حكمهم الظالم دروب واحابيل السياسة الدولية
ولعبوا بحبالها شدّا وجذبا في اكثر من مناسبة, وكان ولهم
الباع الطويل في مضمار السياسة الدولية واحابيلها وصفقاتها
وخططها وتاكتيكاتها وستراتيجياتها ......وبالتالي فان النظام
المقبور قد اعّد كل الخطط اللازمة لمرحلة ما بعد (الغزو)
الامريكي للعراق وبشكل تفصيلي ودقيق .... انا هنا لا اريد
الخوض في تفاصيل الاستعداد العسكري لمواجهة الوضع بعد السقوط ,
فالايام التالية اثبتت ان كل ذخائر الجيش العراقي السابق قد تم
توزيعها واخفاؤها بعناية في المناطق التي كانت توالي النظام
(غرب العراق) و ان كل العسكريين الذين كان يأتمنهم النظام,
وازلامه المقربين ومنتسبي الاجهزة الامنية قد تم تحديد
مهماتهم وبدقة من اجل تنظيم ما يسمى (بالمقاومة) عن طريق
عمليات النهب والسلب و التخريب اولا و الاستخدام الامثل
للارهابيين الذين توافدوا على العراق تحت ذريعة محاربة
الامريكان الكفار ثانيا وافشال أي مسعى ممكن لفرض النظام
والاستقرار والبناء في البلد في مرحلة ما بعد السقوط المهين
لنظام الطاغية
صدام....................................................
هذا على الصعيد العسكر ي, اما على الصعيد المالي فقد تم اخفاء
ما يقرب من 20 مليارا من الدولارات قبيل بدء الهجوم البري من
اجل استخدامها لتمويل مختلف العمليات الارهابية وغيرها ... اما
على الصعيد السياسي فكان التكتيك بشكل آخر تماما... ان اعادة
توظيف الوجوه البعثية المعروفة لم يكن ذو جدوىوخاصة بعد اكتشاف
الكم الهائل من الدلائل والمستندات التي تفضح دور نظام البعث
ورجالاته المعروفين وسمعتهم السيئة ودورهم المباشر في اضطهاد
الشعب العراقي ,من خلال سيطرة الشعب على مقرات الاجهزة الامنية
وسجونها ومعتقلاتها الرهيبة ومقابرها الجماعية التي ضمت رفات
مئات الالاف من ابناء الشعب العراقي وبخاصة الكورد والشيعة....
ولذا فان مهمة اعادة تأهيل البعث واعادته الى المسرح السياسي
من خلال نافذة الديمقراطية المستحدثة في العراق ينبغي ان يتم
على ايدي عناصر مخلصة للبعث قلبا وقالبا وكونها مبعدة عن
الاضواء في الفترة الاخيرة لحكم البعث لاية اسباب والتي كانت
تتعلق اغلبها بعوامل ودواعي حزبية اوشخصية او مزاجية او حتى
اخلاقية مفضوحة وخاصة في صفوف الكوادر الوسطى في الحزب البعثي
الفاشي ... وهنا جاء اختيار (صالح المطلق ) ليكون الممثل الغير
المعلن لحزب البعث البائد في العراق ..... فمن هو يا ترى صالح
المطلق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ينتمي صالح المطلق(من مواليد عام 1946) الى احدى القرى
القريبة من الفلوجة وهو ابن فلاح بسيط ومعدم كان بالكاد يجد
قوته اليومي(والفقر ليس عيبا بطبيعة الحال) , انتمى صالح الى
صفوف الحرس القومي السيئ الصيت في اواخر ايام انقلاب البعث
الاول عام 1963 وكان آنذاك طالبا في الصف الثالث
المتوسط...... وبعد الاطاحة بالبعث من قبل عبد السلام عارف
وتشتت صفوف البعث .... عمل صالح المطلق ومعه عدد من البعثيين
في الفلوجة في صفوف ما كان يعرف بالجناح اليساري للبعث(جماعة
سوريا).... وحسب قوله بانه لم يكن يعلم بذلك بل ان مسؤوله
الحزبي المباشر هو الذي كان مع ذلك الاتجاه دون علم منه و من
معه في الخلية الحزبية.....وقبل انقلاب البعث الثاني عام 1968
بسنة واحدة رجع صالح المطلق ومعه مجموعة من رفاقه الى صفوف
البعث العراقي .....واصبح عضوا عاملا في الحزب وفي نفس الوقت
بعد قبوله في كلية الزراعة اصبح رئيسا في ما كان يسمى بالاتحاد
الوطني لطلبة العراق..... واثناء الاضراب الطلابي العام في
جامعة بغداد والجامعات العراقية الاخرى في عام 1967 ضدّ
الحكومة الرجعية برئاسة عبد الرحمن عارف, والذي قادته مجموعة
من الاتحادات الطلابية التقدمية, وقف الاتحاد الوطني بالضّد من
ارادة الجماهير الطلابية وحاول افشال الاضراب وكان لصالح
المطلق الدور الكبير في ذلك , وقد فسر ذلك العمل الخياني في
الوسط الطلابي آنذاك بان الاضراب كان يتعارض مع خطة حزب البعث
في الاعداد للانقلاب (لكون حالة الاضراب ستبقى الاجهزة الامنية
في البلد في حالة تأهب دائم)!!!!!! وبحسب ادعائه انه كان من
الذين قد تم تبليغهم بموعد الانقلاب المذكور(ساعة الصفر) وكان
قد دخل هو ومجموعة من البعثيين في الانذار ليلة الانقلاب.....
وبعد نجاح الانقلاب المشؤوم كان صالح المطلق رئيسا للاتحاد
الوطني في كلية الزراعة, ومسؤولا عن التنظيم البعثي الفرقي في
منطقة ابو غريب.....وكان نشاطه في الكلية آنذاك منصبّا على
مراقبة الطلاب وخاصة الشيوعيين منهم ولعب دورا كبيرا في
اعتقال عضو سكرتارية الاتحاد العام لطلبة العراق (القيادة
المركزية) الطالب (عبد الكاظم كاطع الصافي) من اهالي الكوت حيث
تم اختطافه ليلا من القسم الداخلي في الكلية من قبل جهاز الامن
الذي كان يديره المقبور ناظم كزار وسجن في قصر النهاية وتعرض
الى ابشع انواع التعذيب مع بقية رفاقه في التنظيم ونجا من
التصفية الجسدية باعجوبة ......وخلال تواجده في الكلية
المذكورة كان عمله الحزبي ايضا ينحصر في مضايقة الاساتذة
الشيوعيين مثل( الدكتور فاضل جاسم) وهو من العلماء العراقيين
البارزين في مجال الكيمياء ( وكان قد تم ابعاده من
الكلية الطبية الى كلية الزراعة في ابو غريب لمواقفه
التقدمية), و كذلك الاساتذة القوميين حيث ادى وشايته باحدهم
(الدكتور خلف الصوفي ) وكان ينتمي الى التيار القومي الناصري
الى سجنه ايضا وتعرضه لاقسى انواع التعذيب
...
ورغم قلة درجاته العلمية دخل صالح المطلق الى قسم التربة في
الكلية المذكورة ليتخرج من القسم المذكور بدرجة (مقبول) الا
انه تم تعيينه معيدا في الكلية..... وبعد عدة اشهر تم ايفاده
ببعثة حكومية الى المملكة المتحدة لدراسة الدكتوراه.....وبعد
اربعة سنوات رجع صالح المطلق وهو يحمل شهادة الدكتوراه في
هندسة البيئة!!!!!!!... وتم تعينه بعد مدة قصيرة ( امينا
عاما لمؤسسة البحث العلمي) وكانت تلك من ارفع المؤسسات العلمية
في العراق و التي كانت تشرف على الجامعات والهيئات العراقية
العلمية ومن ضمنها هيئة الطاقة النووية.....وبعد سنتين تم
اقصاءه من الامانة العامة لمجلس البحث العلمي لاسباب تتعلق
بعلاقته المفضوحة مع احدى سكرتيراته ....ورجع الى سلك التدريس
في كلية الزراعة.....وفي عام 1979 واثر صدور قانون للتفرغ
الزراعي الذي بموجبه كان يمنح الزراعيين مساحة 50 دونما من
الارض مع قروض مصرفية بسيطة... استغل صالح المطلق هذا القانون
ليقوم مع (محسن الشيخ راضي) وهو عضو قيادة قومية سابق (رئيس
المؤتمر القومي السادس) لحزب البعث الفاشي, والذي انشق من
البعث عام 1964 مع علي صالح السعدي وهرب الى لبنان ومن ثم
رجع الى العراق في اواخر عهد عارف تاركا العمل السياسي وهو
شخصية معروفة من اهالي النجف , حيث قام الاثنان بتأسيس شركة
زراعية كبيرة استغلت مئات الالاف من الدونمات في منطقة
الخالص(مشروع البيوت الزجاجية) ومشروع الوحدة اضافة الى
مشاركته في عدة شركات زراعية اخرى(شركة انتاج البذور) واضافة
الى ادارته للاراضي التي استولى عليها البعثيين الكبار,و
الذين لم تبق ارض زراعية في العراق الا ووضعوا يدهم عليها
مستغليين نفوذهم الحزبي والوضيفي ابشع استغلال, ودخلوا فيها
بمشاريعهم التجارية في مجالات انتاج الدواجن وتربية الابقار
والبيوت الزراعية, وجنوا منها ارباح خيالية على حساب الفقراء
من اهل العراق ... وخلال سنين الحصار على العراق بلغت الارباح
في مجال الانتاج الزراعي مديات خيالية, ووصل رأسمال صالح
المطلق الى عدة عشرات من الملايين من الدولارات ..... وقبل
سقوط البعث كان التفكير في ايكال مهمة قيادة تنظيمات البعث
السرية الى من هم في مواصفات صالح المطلق او على شاكلته من
اولويات القيادة البعثية من اجل اعادة تنظيم و تأهيل البعث تحت
اسماء ومسميات وهميةو كغطاء مناسب للمرحلة القادمة, وهكذا برز
صالح المطلق الى الواجهة بحجة العمل السياسي السلمي ومن اجل
تهيئة الارضية المناسبة لانقضاض البعث على الحكم مرة اخرى
واستلام السلطة مجددا كعادتها في العراق عن طريق تدبير انقلاب
عسكري او استغلال اية ظروف مؤاتية في المستقبل .... ان من
يلاحظ مجمل طروحات صالح المطلق من خلال تصريحاته ولقاءاته في
القنوات التلفزيونية خاصة تلكم المعروفة الاتجاهات والاهداف
المعادية لطموحات الشعب العراقي ,يكتشف مدى تركيز ه الحفاظ
على نفس الهوية البعثية للعراق ومقاومة أي جهد لتفكيك الكيان
الفكري والتنظيمي للمنظومة السياسية التي اعتمدها البعث طيلة
فترة حكمه البغيض , والذي ينص على بقاء العراق كدولة مركزية
قوية وضرورة اعادة الجيش العراقى المنحل الى سابق عهده وهو ضد
الفيدراليات من أي نوع بحجة انها تقسم العراق !!!!! وقد راينا
كيف كان المطلق من اشد المدافعين عن بقاء العلم العراقي
البعثي وثارت ثائرته حينما قام السيد مسعود البارزاني بانزال
العلم البعثي من على المؤسسات الرسمية في كوردستان في مسعى منه
للقضاء على احدى رموز البعث المنحل, ولا يزال المطلق لا يعترف
بشرعية الحكومة والبرلمان (رغم كونه عضوا فيه) ويدعوا الى
اطلاق سراح الطاغية وجلازوته وهو ضد محاكمتهم حتى!!!!! وهو
ايضا ضد قرار اجتثاث البعث رغم التعديلات الكبيرة التي جرت
عليه , والحقيقة ان اول من يجب ان يشمله هذا القرار هو البعثي
المقنع صالح المطلق فهو بعثي حتى النخاع ويلعب دورا قذرا في
اعادة البعث وثقافته وحكمه البغيض الى العراق مرة ثالثة رغم
كل المآ سي والكوارث التي حلت بشعبنا العراقي من جراء تسلط
البعث وفكره وسياساته طوال اربعين عاما......ان الواجب الوطني
وواجب حماية الديمقراطية في العراق يتطلب اعادة النظر في
الكثير من العناصر البعثية من امثال صالح المطلق و التي تسللت
الى معترك العمل السياسي في العراق وتحت واجهات وعناوين
مختلقة(بفتح الام) ومختلفة .... وكاضعف الايمان نطلب من
القيادات العراقية المخلصة والحكومة العراقية , الاشتراط على
صالح المطلق ومن هم على شاكلته اعلان برائتهم من الحزب
المذكور فكرا وممارسة باعتباره حزبا عنصريا فاشيا جلب الخراب
للعراق واهله ولا يزال يمارس الارهاب ضد مواطنيه ليل
نهار.......
|