في هذه الايام ينظم حميد تقوائي ليدر الحزب الشيوعي العمالي
الايراني حملة دعائية حول التحزب والاصول والتقاليد الحزبية في
كندا على خلفية تشكيل معارضيه داخل المكتب السياسي للحزبه كتلة
باسم "اتحاد الشيوعية العمالية". فلقد عقد الندوة قبل اسبوعين
في مدينة تورنتو وينوي عقد الجزء الثاني من ندوته خلال الايام
القادمة. ويصب حملة حميد تقوائي نقده اللاذع بشكل غير مباشر
على رفاقه في المكتب السياسي وهم علي جوادي واذر ماجدي وثلاثة
اخرين الذين اعتادوا على تشكيل الكتل "فراكسيون" غير القانونية
المذكورة دون موافقة قيادة الحزب عليه.
وفي الحقيقة اني لست من هواة كتابة الرسائل الداخلية او نقد
المواضيع التي لا ترد على بلاء العامل ومأساته.
والسبب
يعود وهذا ما اؤمن به ان منافسين حركتنا هم الجعفري والمالكي
وبوش وعلاوي ومطلك وعبد العزيز الحكيم ومقتدى الصدر. أي بعبارة
اخرى كانت دوما ومازالت مشغلتي الشخصية كيف اكون واحد من اولئك
الذين يقفون بوجه البربرية والوحشية في العراق. لذلك اقضي وقتي
مابين العمل والفعالية الحزبية.
لكن ما يدفعني اليوم في كتابة هذا المقال هو لاستغرابي الشديد
ان يتحدث حميد تقوائي عن التحزب والحزبية وهو المعروف بأنه كان
بطل اللاحزبية وانتهاكات حرمة كل التقاليد والاصول الحزبية بعد
رحيل منصور حكمت وشق الحزب الشيوعي العمالي الايراني. ولو تحدث
حميد تقوائي بموضوع اخر لما اعنته ادنى اهتمام.
ان موضوعة التحزب هي من اهم الموضوعات الحساسة على صعيد
الممارسة العملية للشيوعية، حيث لا يمكن ان تتقدم الحركة
الشوعية خطوة واحدة الى الامام في خضم العاصفة الهوجاء التي
تقودها الادارة الامريكية وحليفاتها من جهة والاسلام السياسي
من جهة اخرى دون امتلاك حزب ذو صفوف متراصة و تقاليد واصول
متينة وراسخة. وفي عالمنا هذا تتخذ البرجوازية اشد انواع
الاسلحة الدعائية ضراوة وتفتح معتقلاتها وسجونها كي تقول شيء
واحد للمجتمع بأن ليس للعامل الحق في التحزب. وان التحزب
الشيوعي هو اطار لقمع الحريات والحقوق الانسانية، والانسان لا
يمكن له التنفس بعمق داخل التنظيم الشيوعي. في حين يعرف القاصي
والداني بأن البرجوازية متحزبة من قمة رأسها حتى اخمص قدميها.
ليجرب أي موظف او عامل في مصانع النايكي على سبيل المثال لا
الحصر ان يتفوه بكلمات مديح لصناعة اديداس او بوما ليجد نفسه
في اليوم الثاني في سوق البطالة" سمير عادل- خطابه بمناسبة
رحيل عزيزنا سامي مروش". في حين عندما يفكر العامل في ايجاد
اطار لنفسه في الدفاع عن حقوقه تتحول المسألة الى ضيق الفضاءات
وضيق مساحات الحرية..الخ من ترهات مثقفي والاقلام البرجوازية
المأجورة.
واذا عدنا لحميد تقوائي طرزان التحزب الجديد، فسيكتشف ان
التحزب والاصول والتقاليد الحزيبة لها معاني ومفاهيم غير الذي
متعارف عليه في التقاليد الشيوعية. فهو يضرب كل شيء بعرض
الحائط عندما يشعر بأن مخالفيه السياسيين في الهيئة الحزبية هم
الاكثرية. وعليه سيخسر الاقرار على سياساته فتظهر تقاليد
ومفاهيم جديدة عنده يشبه كل شيء ولكن لا يشبه ما يدعيه اليوم
وهو التحزب حسب ندوته الاخيرة. أليس هو صاحب العبارة المشهورة
" كوميته مركزي دور ميزنم" بالفارسية أي "اني اتجاوز او اقفز
على اللجنة المركزية" حين قال له كورش مدرسي هناك لجنة مركزية
ولا يمكن ان تتجاوزها وتقفز عليها وتطلب عقد مؤتمر دون مناقشته
في داخل اللجنة المذكورة. حينها لم تكن للجنة المركزية أي معنى
ومكان في المنظومة الفكرية لحميد تقوائي. لكن في هذه المرة
ولان الاكثرية معه وعلي جوادي واذر ماجدي ورفاقهم الثلاثة
الاخرين لا يمثلون الا الاقلية داخل المكتب السياسي، فيتمسك
حميد تقوائي بالتحزب ويتحول الى داعية لها. يا لسخرية الزمن!
بيد ان ابداع حميد تقوائي لم يقف عند تلك الحدود بل تتفتق
طاقاته الى اقصى درجة لم يصل اليها أي مبدع في زمانه حين دعى
الى عقد المؤتمر الخامس للحزب دون استحصال أي قرار من اللجنة
المركزية ودون انتخاب المندوبين لا على المستوى العام للحزب
الشيوعي العمالي الايراني ولا على مستوى الانتخابات المحلية.
وكان المؤتمر هو مؤتمر من له سعر بطاقة السفر عن طريق احدى طرق
المواصلات البرية او البحرية او الجوية والوصول الى مكان
انعقاد المؤتمر في المانيا. وكل من يمتلك سعر التذكرة يستطيع
ان يكون مندوب في المؤتمر. الم اقول لكم انه ابداع ليس مثيله
من ابداع. هل سمع احد في تأريخ أي من الحركات عقد مثل هذا
النوع من المؤتمرات!
وهكذا يمضي حميد تقوائي في خرق جميع الاصول الحزبية عندما يحرض
بعض كوادر الحزب الشيوعي العمالي العراقي لتشكيل كتلة اقل نضجا
بعشرات الاضعاف من الكتلة التي يرفضها اليوم داخل حزبه
ويعتبرها غير قانونية، كتلة" فراكسيون" تعلن عن نفسها دون أي
طرح سياسي سوى " الاعتراض والاحتجاج" بوجه سياسة معينة وبغض
النظر عن صحة او خطئ تلك السياسة، وتعلن عن نفسها ايضا دون
انتظار موافقة المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراقي،
في مؤتمر مندوبين من يمتلك القدرة على امتلاك بطاقة سفر، على
غرار فراكسيون " اتحاد الشيوعية العمالية" المناهضة له.
ويمضي حميد تقوائي في رحلته مع الذين اصبح قائد لهم في خرق
الاصول الحزبية وتقاليدها مثل علي جوادي واذر ماجدي، لينقلبا
عليه في غفلة من الزمن بين ليلة وضحاها وبنفس الاساليب
والتقاليد اللاصولية والمهزلة التي شكلوا بها ما سموه الحزب
اليساري. فيالى سوء حضهم، فأبطال المعاداة للحزبية يتصارعان
فيما بينهما، وكل واحد يدعي بأنه قائد الشيوعية العمالية. في
هذه المرة لا يستطيع ان يتهم حميد تقوائي حلفاء الامس
باليمينية، لانه ليس من المعقول كل من خالفه يتحول اوتوماتيكيا
الى يميني. فأسهل مبرر في هذه المرة لشن الحملة عليهم، تدبير
تهمة اللاحزبية وهي صحيحة ضد علي جوادي واذر ماجدي وخاصة يمثل
حميد الاكثرية. و" الاكثرية" في المنظومة الفكرية والممارسة
العملية لحميد تقوائي هي نسبية. فهذه المرة الاكثرية مع حميد
تقوائي. اذن للتحزب في هذه المرة له معنى مختلف عندما كانت
الاكثرية ضده قبل شق الحزب الشيوعي العمالي الايراني ويأتي
بعبارته المشهورة التي ذكرتها" كوميته مركزي دور ميزنم".
اما الاثنين الاخرين وهما علي جوادي واذر ماجدي اعتادوا على
اطلاق التهم اليمينة، فبالامس كان على الحزب الشيوعي العمالي
العراقي لانه وقف بوجه تخريب الحزب الشيوعي العمالي الايراني
ودافع عن وحدة الحركة الشيوعية، واليوم اطلقوها على هرقل يسار
الامس وهو زعيمهم حميد تقوائي، عندما اطلقوا اسم "اتحاد
الشيوعية العمالية" على كتلتهم غير القانونية حسب ادعاءات حميد
تقوائي واكثريته. لانه يمتلكون صك الغفران وكارت التزكية
لمنحها من يرونه يميني او يساري. وليس مهم ان ذلك الشخص الذي
يحصل على بركاتهم او نقمتهم ، يساري او يميني، له ارئه الصحيحة
او الخاطئة حسب مصلحة الحركة الشيوعية، لكن المهم ما مقدار
الاتفاق مع ما يفكرون به في صومعتهم.
وهنا السخرية تكمن، منْ يدرس منْ؟ منْ يعلم منْ؟ منْ يعطي
الدروس عن التحزب لمنْ؟ حميد تقوائي بطل الخروقات الحزبية،
عملاق عدم القدرة الحفاظ على وحدة وانسجام الحزب كما كان في
الانشقاق الاول ودفع رفاق الامس بتشكيل الكتلة المذكورة اليوم،
طرزان الانشقاقات دون منازع، يمنح العبر والمواعظ حول التحزب
واللاحزبية الى من ليس افضل منه بل ومنافسية اللدودين في
اللاحزبية وتخريب الوحدة الشيوعية. وكان الاجدر ان يطلقوا اسم
" اتحاد مخربي الشيوعية العمالية" بدل من اسم "اتحاد الشيوعية
العمالية".
وهنا اريد ان اقول كلمة واحدة لحميد تقوائي لعله يتعظ: ان من
يخرق قوانين معينة لا يمكن ان يكون من دعاة الدفاع عن تلك
القوانين. ومن ينتهك حرمة تقاليد معينة لا يمكن ان يكون حامي
تلك التقاليد. ومن يضرب الاصول الحزبية بعرض الحائط لا يمكن ان
يتحول الى بطل في الدفاع عنها. فاقد الشيء لا يعطيه يا حميد
تقوائي.
ان من لديه تاريخ مثل تاريخ حميد تقوائي في تخريب وحدة الحزب
واللاحزبية عليه ان يلازم بيته والحفاظ على ما تبقى من تأريخه
النضالي الذي كان يتخفى خلف ضل عزيزنا منصور حكمت.
*سكرتير لجنة تنظيم كندا
للحزب الشيوعي العمالي العراقي
|