نفذت حكومة المالكي قرار المحكمة الجنائية العراقية صباح يوم
30/12/2006 الخاص بانزال عقوبة الاعدام بحق صدام حسين وتناقلت
كل الوسائل الاعلام العالمية الحدث باهتمام بالغ. وتباينت ردود
الافعال على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي بشأن تنفيذ تلك
العقوبة وتوقيتها ومراسم تنفيذها ونتائجها وغيرها من الاجراءات
والقضايا الاخرى.
لاشك بان الشعب العراقي كان ومايزال يطالب بمحاكمة عادلة لرموز
النظام البعثي الدكتاتوري السابق وانزال اشد العقوبات صرامة
عليهم لارتكابهم جرائم الابادة الجماعية بحقه وبحق كل مكوناته
من الاكراد والشيعة والسنة والاشوريين والتركمان وغيرها من
اطياف الشعب العراقي، وهو يتطلع الى فضح وكشف تلك الجرائم
المتسلسلة وسبر اغوارها وعدم اسدال الستار عنها، وبخاصة جرائم
الانفال ومذبحة حلبجة وقمع انتفاضة الجماهير العراقية سنة
1991.
ولكن فيما يتعلق بعقوبة الاعدام بالذات وممارستها فان اتحاد
الشيوعيين في العراق يؤكد ويجدد رفضه المبدئي لتلك العقوبة
التي تتنافى مع حق الحياة ومع مباديء حقوق الانسان ويعتبرها
جريمة منظمة مسبوقة بالاصرار والترصد تمارسها الدولة بحق
المواطنين انتقاما لكل من يخرج عن بيت طاعتها. ولذلك فان
التطلع نحو عراق مابعد صدام ورهطه او بناء عراق معاصر ومزدهر
يجب ان يكون احد لبناته الاساسية الغاء تلك العقوبة
وسائرالعقوبات التي تستند على الثأر والانتقام الهمجي بدلا من
الاصلاح والتأهيل والوقاية الاجتماعية.
الا ان الاسوء من كل ذلك هو ان محاكمة صدام ومن ثم تنفيذ عقوبة
الاعدام بحقه تم توظيفها بشكل طائفي بغيض من قبل حكومة المالكي
ومناوئيه من البعثيين والصداميين ومن ثم تحولت الى رسالة
لتأجيج فتنة طائفية ومذهبية جديدة في ظل تلاعب امريكا بقواعد
اللعبة الطائفية والحرب الاهلية وهيمنة القوى الطائفية الشيعية
والسنية والتدخلات الفظة من قبل الدول الاسلامية الرجعية في
المنطقة مثل ايران والدول العربية الرجعية مثل السعودية وغيرها
من الدول العربية التي تخشى على مصير طغاتها.
كما ارادت امريكا، قبل ان تكتمل محاكمة صدام على جرائم اشد
وطأة من جرائم الدجيل، التخلص من صدام ليقدم رأسه هدية عيد
ميلاد عشية السنة الجديدة واحد انجازاتها في نهاية سنة 2006،
ارادت التخلص منه كرئيس دولة سابق ليكون عبرة لاعدائها ودرسا
لحلفائها من الطغاة الذين قد يفكرون بالخروج عن "بيت الطاعة"
الامريكي، انها ممارسة فظة لسياسة العصا الغليظة ورسالة
امريكية واضحة لاخضاع البشرية بطريقة تنم عن البربرية، ويمثل
عودة للاساليب البربرية لترويع الجماهير واخضاعها بوسائل
همجية، ارادت تمويه الملفات الاجرامية الاخرى في العمليات
المسمى بعمليات الانفال المشؤوم والقصف الكيمياوي لحلبجة وقمع
انتفاضة الجماهير العراقية سنة 1991، هذه الملفات التي قد تورط
بشكل مباشر او غير مباشر الادارة الامريكية نفسها.
ولكن وبعد ان راح صدام شخصيا الى مزبلة التأريخ فان هيمنة
الاحتلال وتصاعد الارهاب والتركة الثقيلة للنظام الدكتاتوري
البعثي الدموي وتدخلات دول الجوار فرخ وبات يفرخ الكثير من
اشباه صدام ورهطه ويدفع الشعب العراقي بشكل يومي ثمن جرائمهم
البشعة.
ان الشعب العراقي في الوقت الذي بدأ عامه الجديد بحبل المشانق
و وسط دوامة من العنف الطائفي ورحى حرب اهلية مستمرة ستتواصل
على الارجح فانه وبكل مكوناته يتطلع الى بناء عراق حر
وديمقراطي ومزدهر، الى ان العقبة الرئيسة كان ومايزال هي وجود
الاحتلال الامريكي وفلول النظام البعثي السابق والحركات
الاسلامية الطائفية الشيعية والسنية وممارساتها التي تعمق من
شدة الانقسامات الطائفية وتجعل الشعب العراقي اطيافا متناحرة
غارقة في الحرب الاهلية والطائفية، والتدخلات الخطيرة للدول
الرجعية الاسلامية والعربية الطائفية المجاورة للعراق، وما لم
يفصل الشعب العراقي صفوفه عن هؤلاء ويرصها في حركة سياسية نشطة
مناهضة لهم فان تلك التطلعات تبقى حبيسة صدورها وان القادم
اخطر!
2/1/2007
|