العقلية (القومجية) العربية في العراق مازالت تعتبر الزعامات الكوردية سبب المشكلة في العراق..

فينوس فائق 

venusfaiq@gmail.com

 صالح المطلك: الكورد متميزين بالوفاء ، و موضوع الوفاء الآن صار عليه علامة إستفهام!!

بعد إنتهاء الجلسة الخاصة بعرض مشاكل السنة في العراق ، تلك المشاكل التي عجزوا عن حلها أو لم يكلفوا أنفسهم بحلها داخل العراق ، فخرجوا يقودون الحملات من أجلها خارج العراق ، و ذلك في الإجتماع المخصص للوفد السني العراقي في إحدى قاعات البرلمان الأوروبي ، الوفد السني برئاسة السيد عدنان المالكي و عضوية عدد من الشخصيات السياسية السنية منهم السيد صالح مطلك و عبدالله الجبوري و خلف العريان و أمل الجبوري و غيرهم.. وصل الوفد العاصمة البلجيكية الأسبوع المنصرم.. وصادف الإجتماع يوم 30جنيوري 2007 الماضي و الذي حضرته بصفتي صحفية كوردية مستقلة دعيت من قبل مكتب ممثلية حكومة إلقيم كوردستان المجاور لمبنى البرلمان الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل..

الجلسة كانت تحت عنوان (مستقبل العراق) ، ترأس الجلسة (باولو كاساكا) عضو البرلمان الأوروبي..و حضر الجلسة ايضاً الدكتور كمال كركوكي نائب رئيس البرلمان الكوردستاني بدعوة شخصية من السيد (باولو كاساكا) الصديق القريب من الشعب الكوردي..

 

و قد جرى التعارف بيني و بين البعض من أعضاء الوفد السني العراقي إلى بروكسل في صالة الإنتظار قبل دخول صالة الجلسة.. و بعد خروجنا من الجلسة بادرني الأستاذ صالح المطلك بقوله: إذن أنتي عراقية! لماذا إذاً تقولين (كوردية)؟ عندما عرفت بنفسكي قلتي: صحافية كوردية!! فأجبته: و ما الضرر في ذلك؟

و نسي السيد المطلك أن كل وسائل الإعلام العربية قد ثبتت في نشرات الأخبار هذه الحقيقة ، فهي حين تصيغ خبراً يذكر فيه الدكتور برهم صالح مثلاً يذكرون مع إسمه عبارة (من أصل كوردي) و حتى عند ذكر القاضي (رؤوف رشيد) الذي حكم في قضية صدام حسين كانوا يكررون بإستمرار عبارة (القاضي رؤوف رشيد من أصل كوردي) ، ثم نحن الكورد عندما نذكر هذه العبارة نجدها ضرورية لأننا تعرضنا لسنين طوال إلى التهميش و الإهمال و محاولات للقضاء على هويتنا القومية و الثقافية و الإنسانية ، فمن الطبيعي أننا ككورد و كردفعل على كل تلك المحاولات الدنيئة لمحونا ثقافياً و قومياً أن نتمسك بهويتنا إلى هذا الحد..

المهم بعد خروجنا من صالة الإجتماع و بينما كنا ننتظر المصعد الذي يقلنا إلى طابق آخر من مبنى البرلمان لحضور (جسلة إستقبال) أخرى ، بادرني السيد صالح المطلك بالحديث عن الكورد و كيف أنهم لم يعودوا أوفياء كما كانوا من قبل مشهورين بالوفاء..

 

حينها فقط مددت يدي و ضغطت على جهاز التسجيل بهدف تسجيل المحادثة ، فسألني السيد (صالح مطلك): هل تسجلين؟ قلت: نعم! هنا فقط بدأ بصياغة كلامه بشكل آخر ، و قال: "الكورد متميزين بالوفاء ، و متميزين بالصدق ، و الآن موضوع الوفاء صار عليه علامة إستفهام ، لأنكم لم تفوا (موجها كلامه إلى مستخدما ضمير (أنتم) و كأنه يوجه كلامه معي إلى الكورد بشكل عام ، بحيث أنه لم ينسى أنه يتحدث إلى صحفية كوردية) ، فقال لم تكونوا أوفياء مع من أعطاكم حقوقكم أكثر من اي دولة أخرى و أكثر من اي شعب آخر"..

فباردته بقولي: لكن هذه الحقوق ، هي حقوق مشروعة لنا ، و هي أقل بكثير مما نستحق كشعب مناضل مثل الشعب الكوردي ، قدم التضحيات و الشهداء ، فهي لم تكن منة من أحد ، فلماذا تتهمنا بعدم الوفاء؟؟

فأجاب: "نعم لم تكن منة ، لكن لم تأخذموها في مكان آخر و أخذتموها في العراق.." و أضاف بلهجة متعصبة و قومية بحتة: "أخذتموها من عرب العراق (و هنا أضع علامة حمراء على كلماة عرب العراق) ، و أكمل كلامه: "لم تكونوا بمستوى الوفاء الذي يجب أن تكونوا و المعروف عنكم كأكراد ، و أنا أتكلم عن الزعامات الكوردية و لا أتكلم عن الشعب الكوردي ، بالمناسبة." و طلب مني أن أدقق هذا الشيء بشكل جيد و كانه يبريء نفسه من تهمة ربما ستلحق به..

 

و أضاف: أنا عندما أقول الأكراد في هذا الموضوع ، أحكي عن الزعامات الكوردية ، الشعب الكوردي لازال صادق و وفي بنظري.." ، فقلت: ومن هم الزعامات الكوردية؟ هم الشعب الكوردي!! ثم سألته: و هل هذا رأي كل الزعامات العراقية بشكل عام؟ فأجاب: هذا رأي أنا !! مع ذلك طولت بالي و سألته طالما رمى الكرة في ملعب الزعامات الكوردية ، فسألته: و هل أن الزعامات الكوردية على إعتبارها الآن تشارك في الحكم في العراق ، ليست منصفة في المجتمع العراقي؟ فقال: لا ، أنا أعتقد أن الزعامات الكوردية كانوا سبب أو جزء من المشكلة في العراق ، يعني جزء مما يحصل من خراب في العراق ، سببه قسم من الزعامات الكوردية." هنا كان في كلامه شيء من التردد ، فقبل قليل أستثنى الشعب الكوردي و وصفهم بالوفاء ، و خص الزعامات الكوردية بعدم الوفاء ، و بعد ذلك عاد و إستثنى البعض من الزعامات الكوردية و حملهم مسؤولية الخراب في العراق..

 

و هنا كان لابد من أن أسأل و هل أن الذين يفجرون أنفسهم في العراق و يقتلون الناس على الهوية أيضاً أكراد؟ أتحدى أحداً في الكون أن يقول أن الأكراد ليسوا مسالمين ، فالكورد هم أكثر شعوب الأرض حباً للسلام و هم يرفضون نزعة الكراهية و العدوانية بشكل قاطع ، و هم أبعد ما يكونوا من كل مايجري في العراق من دمار ، بالعكس فإن كان هناك بصيص من الأمل فهو بفضل الوجود الكوردي الذي يحقق التوازن النسبي في السياسة العراقية ، فليتخيل العراقي مثلاً خروج الكورد من المعادلة العراقية و خروج القوات الأمريكية من العراق ، فستسيل دماء أضعاف أضعاف ما تسيل الآن..

و جدير بالذكر أن أحد أعضاء الوفد السني و هو الدكتور أحمد محمود حاول التطاول أثناء كلمة الدكتور كمال كركوكي ، عندما ذكر كركوك و قال أنها مدينة كوردستانية و لا نريدها أن تكون فلوجة على سبيل المثال ، فأجاب أحمد محمود و بصوت عالي:"لا .. نحن نريدها فلوجة.." ، بحيث أن الشخص الجالس إلى جانب د. أحمد محمود أمسك به...

 

فعدت و ذكرت السيد صالح مطلك بما جرى في قاعة الجلسة من قبل د. أحمد محمود ، و ألم يكن ذلك بنظره بمثابة الصراع الطائفي؟ فقال بطريقة كأنه يبرر تهمة واضحة للعيان: هو هذا صراع طائفي بين أحزاب طائفية و ليس بين الشيعة و السنة.!! (طبعاً لم أفهم ما قصده من هذا الكلام ، فقد صنف الصراع الطائفي حسب أحزاب طائفية ، و حسب الشيعة و السنة.. في حين أن السنة و الشيعة هم أيضاً في النهاية طوائف.) فواصل كلامه و قال: "يعني البعض من الإخوان الموجودين كانوا شيعة و لا أحد يعرف أنهم شيعة ، و كانوا سنة و لا احد يعرف أنهم سنة ، لكن الشخص المتميز بطائفيته واضح ، لذلك تشوفين صار طرح طائفي من أحزاب طائفية و ليس من السنة و لا الشيعة ، و هذا على طول نركز عليه ، أن الطائفية اليوم هي ليست بين المجتمع العراقي ، أو بين السنة و الشيعة ، هي بين الأحزاب و إرتبط بأجندة خارجية ، تريد تسيس الطائفة حتى يكون لها موطيء قدم في السياسة في الحكم في العراق."

 

طبعاً هذا الكلام لي عليه تعليق خصوصاً من خلال ما ورد في كلمات أعضاء الوفد أثناء الجلسة ، بحيث أن من بين مطاليبهم إضافة إلى أخطر مطلب بنظري و الذي كان (إلغاء قانون إجتثاث البعث ، و إلغاء الجيش الحالي الذي وصوفوه بإجماع سني أنه جيش طائفي و لا يمثل كل شرائح المجتمع ، و طالبوا بعودة الجيش العراقي السابق – أي بإختصار عودة جيش حزب البعث مع إلغاء قانون إجتثاث البعث تكتمل صورة البعث من جديد في العراق ، و من مطاليبهم ايضاً كان الدعوة إلى إنتخابات جديدة برعاية البرلمان الأوروبي و صياغة دستور عراقي جديد ، لأن الدستور الحالي و حسب كلامهم تم تهميش السنة و غيرهم ، فكان أن تم ترديد عبارة (تمهيش السنة في الدستور و غيرهم) {مع مراعاة أنهم لم يذكروا منهم {غيرهم}؟} و ايضاً طالبوا بعقد إجتماع أو مؤتمر دولي على مستوى دولي برعاية و إشراف البرلمان الأوروبي تكرس لحل الأزمة العراقية ، و أخيراً و من أغرب ما طالبوا به هو دعوتهم من أجل رفع إسم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية من قائمة الإرهاب الدولي – في حين أنهم كانوا يتحدثون عن تدخلات دول الجوار و محاولاتهم لخلق البلبلة في العراق – لكنهم وصفوا الإيرانيين في منظمة مجاهدي خلق أنهم إخوان لهم و أنهم يقيمون في العراق منذ أكثر من ربع قرن-)

 

فقلت له و تعقيباً على كلامه عن الصراع الطائفي: لكن الذي حدث في قاعة الجلسة كان أكثر من ذلك ، بحيث خرجت منه بإنطباع آخر ، بحيث أن ردة فعل الدكتور أحمد محمود على كلام الدكتور كمال كركوكي ، كأنما لو كان قد هيأ نفسه مسبقاً لمثل هذه الطريقة في الإجابة و كلامه عن كركوك بهذا الأسلوب..

فرد كمن يؤيد كلام د. أحمد: "هل تقصدين عبارة (نريدها فلوجة..)؟ هذا الكلام إعتبرها إهانة ، فقال نريدها فلوجة بمعنى أنها نريدها مقاومة الفلوجة التي أصبحت إمبراطورية في نظر العالم في مقاومة الإحتلال.." و هذا الكلام بطبيعة الحال يحمل أكثر من تعليق ، بحيث فسر المطلك بشكل واضح رسالة أحمد محمود ، بأنهم لا يعترفون بكوردية كركوك ، و أنهم سيحولونها إلى بؤرة للمقاومة شبيهه بمقاومة الفلوجة إن لم يتنازل عنها الكورد!!! ، كما جعلوا من الفلوجة إمبراطورية للمقاومة ضد القوات الأمريكية!!!

فبادرته بسؤال عن تجاهل الأحزاب الكوردية و أحزاب شيعية لحضور الإجتماع ، مع مراعاة أنه كان هناك شخص واحد حاضر بإسم (الشيعة الجعفرية).. فرد علي قائلاً: "أنتي لا تعرفين عدد الشيعة الموجودون داخل القاعة" ، فأحبته: نعم أعرفهم ، إن كنت تقصد الدكتور حسين الخطيب الذي حضر من هولندا ، فهو حضر بمبادرة شخصية منه و كما سمعته يقول للسيد (كاساكا) أنه علم بهذا الإجتماع عن طريق أناس آخرين.. فقال: لكنك لا تعرفين عدد الشيعة الموجودين في الوفد!! و قلت له: كان واحد فقط و هو السيد (غيث) ممثل الشيعة الجعفرية.. فرد: لا ، و هنا الفرق!! (بدون ذكر أسماء) ، فسالته عن الأحزاب الكوردية ، فقال: كيف؟ الدكتور كمال كان موجود ، فقلت و إستناداً إلى معلوماتي أن الدكتور كمال مدعوا أثناء تواجده مصادفة في أوروبا من قبل السيد (باولو كاساكا) لحضور الجلسة..

فكما هذا الإجتماع كرس من أجل مناقشة و طرح مشاكل السنة في العراق ، فقد جاء أيضاً من أجل رفع مطلب لمنظمة مجاهدي خلق إلى البرلمان الأوروبي وهو رفع إسمها من قائمة الإرهاب العالي.. فسألته إن كان هذا الإجتماع الجزء منه كان بتأثير من منظمة مجاهدي خلق؟ فعن هذا الموضوع قال السيد المطلك: ربما لهم دور في هذا الموضوع." فبادرته بسؤالي: لكنك تحدثتم عن التدخلات الخارجية و من ضمنها تدخلات الجارة إيران ، طيب ألا تعتبر منظمة مجاهدي خلق منظمة غير عراقية ، و بالأخص إيرانية؟ و خصوصاً أن هذه المنظمة معروف عنها أسلوبها في الكفاح و العالم كله يصنفه في قائمة الإرهاب ، ما مصلحتكم في أن تطالبوا برفع إسمهم من قائمة الإرهاب؟ فقال مدافعاً عنهم و عن موقفهم: هم إيرانيين موجودين في العراق منذ ربع قرن ، فهل يجوز أن نتعامل معهم بقيم الضيافة أو بقيم القانون الدولي أو بأي قيمة أخرى ، أن نتعاول معهم الآن بأن نطرهم من بلدنا؟

لكنني  بادرته متسائلة عن المهم و الأهم في مثل هذه القضايا ، فلماذا لا يعمل العراقيون على ترتيب و بناء البيت العراقي أولاً ، من ثم الإلتفاف إلى مثل هذه المنظمات التي لا تأتي من وراءها إلا المشاكل ، و الكل يعرف أن منظمة مجاهدي خلق ليست موجودة داخل الأراضي العراقية من أجل بناء العراق أو من أجل سواد أعين العراقيين ، هم موجودون من أجل قضية خاصة بهم ، خصوصاً في هذا الوقت المتأزم من تأريخ العراق..

فقال: صحيح موجودين في العراق من أجل قضيتهم ، نحن نعرف هذا الموضوع و أنا أتفق معكي أن العراق أولاً ، لكن هذا لا يعني أننا نتنازل عن قيمنا و مبادئنا في حماية الضيف ، هؤلاء ضيوف و هؤلاء لجأوا إلينا في ضروف صعبة ، لسنا من المستوى اللامبدئي بحيث نقول لهم إذهبوا الآن في هذا الضرف ، خصوصاً و أنه لا نتفق مع من صنفهم بأنهم إرهابيون ، في الوقت يكون منظمة مجاهدي خلق يمارس الإرهاب ، سواء كانوا في داخل إيران أو خارج إيران سنفق ضدهم.."

لكن السيد المطلك نسي أن يذكرني بأن النظام العراقي الفاشي المقبور برئاسة صدام المقبور هو الذي كان يغذي هذه المنظمة و يأويهم و بسقوط نظامه و موته مات والدهم الأكبر و باتوا يتامى و السنة اليوم يتبنونهم من بعد صدام حسين.

في حين أنهم يدينون تواجد القوات الكوردية التابعة للحزب العمالي الكوردستاني ، و يدينون حقيقة أن تكون كركوك كوردستانية ، لكن لو تسنى لهم الضرف و الأجواء ، لمنحوا مدينة كركوك لمنظمة مجاهدي خلق الإرهابية لكي يثبتوا لأنفسهم أنهم يراعون مباديء و قيم الضيافة معهم ، و لكي يضربون الكورد الذين يقول أنهم عراقيون ، مثلما عاتبني لمذا لم أقل أنني عراقية و أكتفيت بأنني صحافية كوردية فقط!!!..
 

           

 

04/07/2007

 

goran@dengekan.com

 

dangakan@yahoo.ca