من المؤسف جدا ونحن نعيش القرن الحادي
والعشرون ، أن يتجرأ فقهاء الكهوف، وأمراء
فلول الظلام بالتطاول على المرأة وحقوقها
وكرامتها بشكل خاص، وعلى المجتمع المدني
والحضاري بشكل عام. وقد تجلت هذه الظاهرة
الرجعية الظلامية في أمور عديدة ، منها
اقتراح رجل دين ماليزي باستخدام (حزام
العفة) لمنع الرجال من التحرش جنسيا
بالمرأة ، ولحمايتها من محاولات الإغتصاب
الجنسي.
كما تجرأ رجل دين آخر من ولاية ترينجانو
على ترويج أفكاره السامّة، ليعلن في
محاضرة دينية أنّ المرأة تشعر بالأمان
وتصبح في منأى عن محاولات الاعتداء الجنسي
عليهن إذا ما استخدمن دروعا لحماية
أعضائهن الجنسية . و أشار رجل الدين ذاته
إلى إحصائية تبيّن ارتقاع حصيلة
الاعتداءات الجنسية ، ولهذا السبب ، حسب
رأيه، يوصي المرأة باستخدام درع واق ٍ
كخير وسيلة لمنع الاعتداءات الجنسية ،
وافشال محاولات الاغتصاب. وبرر هذا الرجل
المريض نفسيا وقاحته و تطاوله على إنسانية
المرأة وكرامتها بأنه لم يقصد من فكرته
باستخدام الدروع الواقية اهانتها (وهو
يعلم بأن مجرد الإشارة إلى هذا الأسلوب
المهين بترويج استخدام وسيلة لاإنسانية
حول الأعضاء التناسلية للمرأة لهو أبشع
اهانة مشينة بحق المرأة وانتهاك
لكرامتها). ويسوّق هذا الرجل فكرته بضرورة
استخدام المرأة لحزام العفة بأن المرأة
كانت تستخدمه حتى منتصف الستينات من القرن
الماضي ، وكانت ناجحة فكرة إذ كان الدرع
الواقي يحميها، فوقعت حالات اغتصاب قليلة.
حماية المرأة ممن ، وممَ؟ ولم َ لا يتم
ردع من يحاول الإغتصاب؟
هل المقصود هو الحماية من بربرية رجال من
أمثاله الذين لا ينظرون إلى المرأة سوى من
منظور أعضائهن الجنسية ، رجال ٍ عاجزين
على كبح غرائزهم الحيوانية في الهجوم على
المرأة و اغتصابها؟
و لماذا يجب على المرأة أن تحمي نفسها حتى
من عجز الرجل على السيطرة على غرائزه
البهيمية ؟ ,ولماذا يجب عليها استخدام
حزام العفة و تسليم مفتاحه للرجل ليفتحه
متى يشاء؟ أي ّ عار هذا يجرونه على
البشرية بإرجاعنا إلى العصور الوسطى حيث
كانت المرأة تستخدم حزام العفة ,بدل
الارتقاء بقيم الرجل الإنسانية لينظر إلى
المرأة كإنسانة جديرة باحترامه واحترام
المجتمع, وليس كقطعة لحم يشتهيها قط جائع
!!
ولم ننسَ بعد تخريفات مفتي استراليا و
نيوزلندا تاج الدين الهلالي ما صرح به قبل
فترة في سدني بأن اغتصاب المرأة تقع
جريرته على عاتقها ، إذ يجب عليها التحشم
لتجنب الاغتصاب.
وعلى الرغم من معاناة المرأة في إنحاء
العالم من أوضاع و ظروف الحرمان على أساس
الجنس وسلب حقوقهن وانتهاك حرياتهن
الفردية و المدنية و الاجتماعية , فانّ
الظروف التي نتجت عن تصاعد الإرهاب
الإسلامي على الصعيد العالمي قد مهدت
الطريق لتمادي تلك الرموز الرجعية في
اهانة المرأة والتطاول على كرامتها بهذا
الشكل العلني و الصريح . كل ذلك دليل على
تراجع البشرية إلى الوراء جراء سياسات
النظام الرأسمالي العالمي و إنتاج حركات و
أقطاب إسلامية متطرفة التي تساهم في تسميم
أفكار المجتمع و الهجوم على سمات المجتمع
الحضارية و خصوصا المرأة .
لهذا نهيب بكل الأحرار و المدافعين عن
حرية المرأة ومساواتها وحقوقها ، و
المناضلين في سبيل مجتمع مدني و حضاري أن
يضعوا حدا لتجاوزات هذه الحثالات
اللاإنسانية في انتهاك إنسانية المرأة
والتطاول عليها وعلى كرامتها . وعلى كل
الشرفاء في العالم القيام بفضحهم و رفع
الدعاوى ضدهم في المحاكم , وحشد ودعم
المنظمات النسوية و المنظمات المناضلة ضد
التمييز الجنسي، و رفع الأصوات ضدهم ,وعدم
السماح لتطبيق تلك الفتاوى في المجتمع ,
وعدم السماح للإسلام السياسي بتحقير
المرأة بالتطاول عليها بأي ّ شكل .
|
- ناشطة نسائية - يسارية من
العراق
- منسقة المركز التقدمي
لدراسات وابحاث مساواة المرأة
|
|