القيادة الكردية والخطأ القاتل

 

منذ سقوط صنم الديكتاتور المقبور في بغداد وعودة اقليم كردستان قسرا الى خارطة العراق، رغم الدعوات الجماهيرية الكبيرة والضغط الشعبي على القيادات الكردية للدعوة الى تنظيم استفتاء شعبي لتقرير مصير الاقليم، وحملة جمع المليوني توقيع التي قامت بها منظمة الاستفتاء في اقليم كردستان وتقديمها الى الامم المتحدة للنظر فيها، الا ان القيادات الكردية المتمثلة بالحزبين الرئيسين ( الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) وبدون الرجوع الى الشارع الكردي قرروا المضي في سياساتهم الموالية للادارة الامريكية ومخططاتها في العراق والتي اوقعت الكرد في العراق بشكل عام في عدة مشاكل كان الكرد في غنى عنها لولا سوء ادارة اللعبة السياسية الجديدة في العراق وعدم وضوح الرؤيا لدى القيادة الكردية لسقف المطالب الكردية في بناء العراق الجديد وعدم العودة لأخذ رأي الشارع الكردي في المسائل المصيرية، وبهذا حدث شرخ كبير بين الشعب والقيادة، حيث ان الامتيازات السياسية والمناصب القيادية واموال المساعدات الامريكية والاستفادة من الوضع العراقي الجديد كان دافعا قويا للقيادات الكردية للمضي في مشروعهم للمشاركة في بغداد، رغم ان الكرد بشطل عام، واقصد هنا المواطن الكردي لم يرى لحد الان ثمرة فعلية وحقيقة للمشاركة الكردية في بغداد، وان الامتيازات كانت حزبية وشخصية، اكثر منها مكاسب قومية و وطنية.

وهكذا اصبح الكرد لاعبا رئيسيا في الساحة العراقية، دون ان ينال مستحقات اللاعب الاساسي، حيث ان الكرد لم ينالوا لحدالان ما كانوا يناضلون من اجله منذ عشرات السنين، ومازال لجدالان الوضع في كركوك على حاله كما كان ابان النظام المقبور، ولهذا من حق المواطن الكردستاني ان يتسائل عما كان دافع القيادة الكردية في اقليم كردستان بأرسال قوات البيشمركة للمشاركة في حفظ الامن في بغداد؟ ترى ماهي الوعود التي تلقاها القيادة الكردية كجزاء للمشاركة في حفظ الامن في مدينة تعيش لحظات حرجة بسبب الحرب الطائفية؟ وهل ان حكومة المالكي نفذت ماعليها من واجبات والتزامات تجاه الشارع الكردي، لكي تقدم هذا الشارع دماء ابناءها من اجل الحفاظ عليها؟ لنعيد صياغة السؤال بشكل اكثر براغماتية: ماذا ينال الكرد من جراء المشاركة في حفظ الامن؟ وماهي المكاسب التي يحصل عليها الكرد مقابل الدماء التي يقدمونها؟

يبدو ان القيادة الكردستانية ماضية في زيادة مشاركتها في المركز، وهذا مايبدو ستكون على حساب البيشمركة، ولكن هل ان الوضع في بغداد يحتاج حقا الى وجود البيشمركة؟ ام ان الاقتتال الطائفي في العراق قد يستدرج البيشمركة ويقدمهم لقمة سائغة للارهابيين وفرق الموت الطائفية؟ كون البيشمركة يدافعون عن شيء لايؤمنون بها! وهذا اصعب موقف قد يواجه المرء، وهي الدفاع والقتال من اجل لاشيء، اذن من المستفيد من ارسال الشباب الكرد الى النار واقحامهم في مشاكل الغير، هذا في الوقت الذي نرى ان الحكومة لو كانت حكومة فعلا لما احتاجت الى مساعدة البيشمركة لها، لآن فرق الموت الطائفية وبشهادة الجميع تنتمي لوزارة الداخلية، وكلنا نعرف من المسيطر على وزارة الداخلية، اذن هل ان البيشمركة سيقاتلون قوات الحكومة العراقية وفرق الموت الطائفية الخاصة بوزارة الداخلية؟ ان الحكومة طالما كانت ذات توجهات طائفية كما نرى يوميا وتكيل بمكيالين ولم تخرج بعد من عقلية الانتقام الاعمى، لاتستحق مساعدة كردية، والقيادة الكردية لم تحسم بعد عدة ملفات مع هذه الحكومة والعهد الجديد، ومازال تقرير بيكر ــ هاملتون والسياسة الاستراتيجية الامريكية الجديدة في العراق غير واضح بعد، ولا نعرف كيف سيتعامل الرئيس بوش مع اقليم كردستان، في الوقت الذي يشعر الشارع الكردي بقلق كبير من الوضع العراقي الجديد والستراتيجية الجديدة التي قد تكون مغايرة.

يبدو ان القادة الكرد قد انجروا مرة اخرى الى اللعبة الامريكية وهم يدخلون معركة خسرها الامريكان قبلا، فهل ستقدم البيشمركة ككبش فداء للجيش الامريكي كي ينسحب بهدؤ؟ وبالتالي ادخال الكرد في حرب طائفية قد تتحول مع مرور الوقت الى حرب قومية وستكون الخاسر الاكبر فيها هو اقليم كردستان العراق وابناءها.  

 

           

 

04/07/2007

 

goran@dengekan.com

 

dangakan@yahoo.ca